برج الحمام أو دار الحمام (كبوترخانه أو كفترخان) مكان يبني فيه الحمام أعشاشه ويطلق عليه في خمين (كفترخان) وفي اصفهان (برج الحمام) وفي يزد (ورده أو برج الحمام).
كان الفلاحون يبنون هذه الأبنية لكي يبني فيها الحمام البري أعشاشه مما كان يوفر لهم فائدة عظيمة. ليست هنالك معلومات دقيقة عن أصل هذه الأبنية وجذورها التاريخية ودار الحمام الأول الذي استخدم كمعمل للسماد العضوي، لكن المستندات التاريخية والشواهد الموجودة تفيد بأن دور الحمام كانت تبنى في إيران منذ ۱۲۰۰ عام.
أما أقدم دور الحمام في اصفهان فتعود إلى العهد الصفوي وأقدمها في مدينة خمين تعود إلى العهد القاجاري.
تستعمل اللبنة كمادة رئيسية في بناء دور الحمام. يصمم البناء بحيث يتسع لأكبر عدد ممكن من أعشاش الحمام باستعمال أقل كمية ممكنة من المواد ويغدو عبارة عن عمارة مرتفعة فارغة لكنها قوية ومرصوصة جيداً.
تقسم دور الحمام أو أبراج الحمام من حيث الشكل والنوع إلى ۳ فئات عامة: الأبراج الأسطوانية والأبراج المكعبة والأبراج الصندوقية.
تنتمي كافة أبراج الحمام الموجودة في خمين إلى الفئة المكعبة ما عدا برج واحد في قرية هويه وآخر صندوقي في قرية أسد آباد.
خلافاً للأبراج الأسطوانية التي يكون مدخل ومخجر الحمام فيها على السطح، يوجد مدخل ومخرج الحمام في الأبراج المكعبة في بدن البرج. لأجل ذلك توضع في الأجزاء العليا للبدن أسطوانات فخارية صغيرة يدخل الحمام عبرها ويخرج منها.
لتسهيل دخول وخروج الحمام تم وضع قطع خشبية بالقرب من المداخل حيث يحط الحمام عليها أولاً ثم يدخل إلى البرج عن طريق المدخل.
لأجل زيادة المقاومة في هذا النوع من الأبراج، تم تدعيم الجدارين الطوليين المعرضين أكثر من بقية الأجزاء إلى القوى الواردة باستعمال عوارض خشبية بشكل عرضي حيث تصل بين الجدارين في نقاط متعددة.
أما وسط البرج فقد تمت إحاطته بشريط بعرض متر تقريباً من الجبص أو الكلس ليحول دون صعود الأفاعي ويمنح البرج شكلاً جميلاً. الزوايا الخارجية للبرج منحنية ومجبصنة. وقد تمت مراعاة الجانب الجمالي وجانب الحماية فيها وكذلك الأمر بالنسبة للمظهر الشبكي في البدن الخارجي والأقسام العلوية له. تتميز أعشاش الحمام في الأبراج المكعبة والأسطوانية بترتيبها الذي يشبه رقعة الشطرنج.
الأجزاء الخارجية لأبراج الحمام عبارة عن: بوابة إزالة الثلج، الشريط الخارجي المخصص لمنع دخول الأفاعي، الثقوب المخصصة لدخول الحمام، الأجزاء العلوية، الباب المخصص لإخراج السماد، قطع خشبية مخصصة لكي يحط الحمام عليها وشريط جبصي للزينة والحماية.
للوهلة الأولى يبدو البرج بناءً عادياً مخصصاً للحمام لكن قليلاً من الدراسة يفيد بأن التطبيقات الخاصة به لم تكن متاحة دون العلوم التي استخدمت في بنائه.
وقد تمت الاستعانة في بناء هذه الأبراج بعلوم مثل الفيزياء والرياضيات والهندسة الإنشائية والعمارة إضافة إلى الثقافة الأنثروبولجية (لدراسة القوانين الاجتماعية والمدنية السائدة في إدارة واستثمار أبراج الحمام)، علم الأحياء (لدراسة علم النفس الحيواني والعلاقة بين الإنسان والحيوان)، علم البيئة (لدراسة دور أبراج الحمام نوعياً وكمياً في دورة البيئة والنظم الإيكولوجية)، نتائج علم التاريخ (معرفة القدم والتراث والمكانة الثقافية الاجتماعية لأبراج الحمام في فترات تاريخية مختلفة)، والأهم من كل شيء الاقتصاد الزراعي بعد الماء والأسمدة وكيفية الاستفادة من الحمام لتأمين هذا العنصر المهم).
إن تصميم أبراج الحمام من الأمور المثيرة للاهتمام جداً والمتطورة والمذهلة في استقطاب الحمام وتأمين بيئة آمنة له للعيش فيها.
وتشبه أبراج الحمام الحصن المضاد لجميع أعداء الحمام وهم كثر، ويتميز بأنه مقاوم ومنيع ليس فقط ضد الطيور الجارحة مثل الصقور، البوم والغراب وغيرها، ولكنه أيضاً يمنع دخولها إلى هذه الأبراج حيث تعتبر كيفية بنائه بمثل هذه الطريقة جانباً يوفر الأمن والراحة للحمام.
أما الدقة في تنفيذ أبراج الحمام فقد بلغت حداً يجعل نسبة الخطأ في دخول الطيور المزعجة صفراً لأن دخول أي من الطيور المزعجة أو الحيوانات المهاجمة إلى هذه الأبراج كان من شأنه أن يسلب الأمن والسكينة من الحمام ويجعل الأبراج خالية من الحمام.
أما الفراغ الداخلي للبرج فهو آمن ومناسب حيث كان يضم الآلاف من طيور الحمام. وتتميز أعشاش الحمام في الصيف بأنها معتدلة حيث كان الهواء يمر عبرها كما تتميز بأنها دافئة في الشتاء ومحمية من هبوب الرياح الباردة.
وقد صممت الثقوب المخصصة لدخول الحمام بحيث تمنع الطيور الأخرى من الدخول وخاصة الطيور الجارحة. ولا تخفى على أي شخص أهمية أبراج الحمام الإيرانية التي تقترن بالأداء الاقتصادي المتمثل بصناعة أجود أنواع السماد العضوي.
إن كل هذه التمهيدات أدت إلى خلق إحدى التحف الفنية الإيرانية المعروفة باسم برج الحمام.
وتحتوي قلعة ميشيجان التاريخية على أبراج حمام أسطوانية كانت مكاناً لتجمع الحمام. ولحسن الحظ فهي تخضع الآن للترميم وسوف تصبح في المستقبل أعشاشاً للآلاف من طيور الحمام التي ستمنح بتحليقها فوق هذه القلعة التاريخية منظراً خلاباً.
المؤلف: محمد جواد كريمي